الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير الطبري المسمى بـ «جامع البيان في تأويل آي القرآن» ***
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ}. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: يَعْنِي بِقَوْلِهِ- جَلَّ ثَنَاؤُهُ-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}: صَدَّقُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ "لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ ": لَا تُصَلُّوا" وَأَنْتُمْ سُكَارَى ": وَهُوَ جَمْعُ "سَكْرَانَ "، " حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ ": فِي صَلَاتِكُمْ فَتُمَيِّزُونَ فِيهَا مَا أَمَرَكُمُ اللَّهُ بِهِ أَوْ نَدَبَكُمْ إِلَى قِيلِهِ فِيهَا مِمَّا نَهَاكُمْ عَنْهُ وَزَجَرَكُمْ. ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي" السُّكْرِ " الَّذِي عَنَاهُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} ". فَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَنَى بِذَلِكَ السُّكْرَ مِنَ الشَّرَابِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَلِيٍّ: أَنَّهُ كَانَ هُوَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَرَجُلٌ آخَرُ شَرِبُوا الْخَمْرَ، فَصَلَّى بِهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقَرَأَ: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} فَخَلَطَ فِيهَا، فَنَزَلَتْ: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} ". حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِيبٍ: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ صَنَعَ طَعَامًا وَشَرَابًا، فَدَعَا نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَكَلُوا وَشَرِبُوا حَتَّى ثَمِلُوا، فَقَدَّمُوا عَلِيًّا يُصَلِّي بِهِمُ الْمَغْرِبَ، فَقَرَأَ: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ، وَأَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ وَأَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ لَكُمْ دِيِنُكُمْ وَلِي دِينٌ " فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} ". حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى}: قَبْلَ أَنْ تُحَرَّمَ الْخَمْرُ، فَقَالَ اللَّهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} " الْآيَةَ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ فِي قَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} قَالَ: نَزَلَ هَذَا وَهْمٌ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ. فَقَالَ: وَكَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ قَالَ: كَانُوا يَشْرَبُونَ بَعْدَمَا أُنْزِلَتِ الَّتِي فِي "الْبَقَرَة" وَبَعْدَ الَّتِي فِي "النِّسَاء" فَلَمَّا أُنْزِلَتِ الَّتِي فِي "الْمَائِدَة" تَرَكُوهَا. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: {وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} قَالَ: نُهُوا أَنْ يُصَلُّوا وَهُمْ سُكَارَى، ثُمَّ نَسَخَهَاتَحْرِيمُ الْخَمْرِ. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلَهُ. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} قَالَ: كَانُوا يَجْتَنِبُونَ السُّكْرَ عِنْدَ حُضُورِ الصَّلَوَاتِ، ثُمَّ نُسِخَ بِتَحْرِيمِ الْخَمْرِ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، وَأَبِي رَزِينٍ وَإِبْرَاهِيمَ فِي قَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} " وَ {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 90] وَقَوْلُهُ: {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا} [سُورَةُ النَّحْلِ: 67] قَالُوا: كَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ. وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى مِنَ النَّوْمِ. ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُبَيْطٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} قَالَ: لَيْسَتْ لِمَنْ يَقْرَبُهَا سَكْرَانَ مِنَ الشَّرَابِ، إِنَّمَا عُنِيَ بِهَا سُكْرُ النُّوَّمِ. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمٍ الْغِفَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ الضَّحَّاكِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} قَالَ: لَمْ يَعْنِ بِهَا سُكْرَ الْخَمْرِ، وَإِنَّمَا عَنَى بِهَا سُكْرَ النُّوَّمِ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ تَأْوِيلُ مَنْ قَالَ: ذَلِكَ نَهْيٌ مِنَ اللَّهِ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ أَنْ يَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَهُمْ سُكَارَى مِنَ الشَّرَابِ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ؛ لِلْأَخْبَارِ الْمُتَظَاهِرَةِ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِأَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ نَهْيٌ مِنَ اللَّهِ وَأَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِيمَنْ ذَكَرْتُ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِيهِ. فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ: وَكَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ مَعْنَاهُ، وَالسَّكْرَانُ فِي حَالِ زَوَالِ عَقْلِهِ، تَكْلِيفُ السَّكْرَانِ نَظِيرُ الْمَجْنُونِ فِي حَالِ زَوَالِ عَقْلِهِ، وَأَنْتَ مِمَّنْ يُحِيلُ تَكْلِيفَ الْمَجَانِينَ لِفَقْدِهِمُ الْفَهْمْ لِمَا يُؤْمَرُ وَيُنْهَى؟ قِيلَ لَهُ: إِنَّ السَّكْرَانَ لَوْ كَانَ فِي مَعْنَى الْمَجْنُونِ لَكَانَ غَيْرُ جَائِزٍ أَمْرُهُ وَنَهْيُهُ، وَلَكِنَّ السَّكْرَانَ هُوَ الَّذِي يَفْهَمُ مَا يَأْتِي وَيَذَرُ، غَيْرَ أَنَّ الشَّرَابَ قَدْ أَثْقَلَ لِسَانَهُ وَأَجْزَاءَ جِسْمِهِ وَأَخْدَرَهَا، حَتَّى عَجَزَ عَنْ إِقَامَةِ قِرَاءَتِهِ فِي صِلَاتِهِ، وَحُدُودِهَا الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ فِيهَا، مِنْ غَيْرِ زَوَالِ عَقْلِهِ، فَهُوَ بِمَا أُمِرَ بِهِ وَنُهِيَ عَنْهُ عَارِفٌ فَهِمٌ، وَعَنْ أَدَاءِ بَعْضِهِ عَاجِزٌ بِخَدَرِ جِسْمِهِ مِنَ الشَّرَابِ. وَأَمَّا مَنْ صَارَ إِلَى حَدٍّ لَا يَعْقِلُ مَا يَأْتِي وَيَذْرُ، فَذَلِكَ مُنْتَقِلٌ مِنَ السُّكْرِ إِلَى الْخَبَلِ وَمَعَانِي الْمَجَانِينَ، وَلَيْسَ ذَلِكَ الَّذِي خُوطِبَ بِقَوْلِهِ: لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ "؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَجْنُونٌ، وَإِنَّمَا خُوطِبَ بِهِ السَّكْرَانُ، وَالسَّكْرَانُ مَا وَصَفْنَا صِفَتَهُ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا}. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ مَعْنَى ذَلِكَ: لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ " وَلَا تَقْرَبُوهَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل" يَعْنِي: إِلَّا أَنْ تَكُونُوا مُجْتَازِي طَرِيقٍ. أَيْ: مُسَافِرِينَ " حَتَّى تَغْتَسِلُوا ".
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي مِجْلِزٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} قَالَ: الْمُسَافِرُ وَقَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: فِي السَّفَرِ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلَهُ: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ}: يَقُولُ: لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ جُنُبٌ إِذَا وَجَدْتُمُ الْمَاءَ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا الْمَاءَ فَقَدْ أَحْلَلْتُ لَكُمْ أَنْ تَمَسَّحُوا بِالْأَرْضِ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْمِنْهَالِ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَوْ: عَنْ زِرِّ عَنْ عَلِيٍّ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} قَالَ: إِلَّا أَنْ تَكُونُوا مُسَافِرِينَ فَلَمْ تَجِدُوا الْمَاءَ، فَتَيَمَّمُوا. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَالِمٍ الْأَفْطَسِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} قَالَ: الْمُسَافِرُ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي مِجْلِزٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِمِثْلِهِ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَلِيٍّ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: نَزَلَتْ فِي السَّفَرِ: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ}. " وَعَابِرُ السَّبِيلِ ": الْمُسَافِرُ إِذَا لَمْ يَجِدْ مَاءً تَيَمَّمَ. حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ، عَنِ ابْنِ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِيهِ: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} قَالَ: الْمُسَافِرُ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ، فَيَدْخُلُهُ فَيُصَلِّي. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} قَالَ: هُوَ الرَّجُلُ يَكُونُ فِي السَّفَرِ، فَتُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ فَيَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} قَالَ: مُسَافِرِينَ، لَا يَجِدُونَ مَاءً فَيَتَيَمَّمُونَ صَعِيدًا طَيِّبًا، لَمْ يَجِدُوا الْمَاءَ فَيَغْتَسِلُوا. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} قَالَ: مُسَافِرِينَ لَا يَجِدُونَ مَاءً. حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَخْنَسِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ فِي قَوْلِهِ: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} قَالَ: إِلَّا أَنْ يَكُونُوا مُسَافِرِينَ، فَلَمْ يَجِدُوا الْمَاءَ فَيَتَيَمَّمُوا. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَكَّامٌ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَكَمِ: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} قَالَ: الْمُسَافِرُ تُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ، فَلَا يَجِدُ مَاءً فَيَتَيَمَّمُ. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَالِمٍ الْأَفْطَسِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَكَمِ فِي قَوْلِهِ: {إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} قَالَا: الْمُسَافِرُ الْجُنُبُ، لَا يَجِدُ الْمَاءَ فَيَتَيَمَّمُ فَيُصَلِّي. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ}: إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُسَافِرًا. حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَكَمِ نَحْوَهُ. حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ قَالَ: حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ قَالَ: كُنَّا نَسْمَعُ أَنَّهُ فِي السَّفَرِ. حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} قَالَ: هُوَ الْمُسَافِرُ الَّذِي لَا يَجِدُ الْمَاءَ، فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيُصَلِّيَ، فَهُوَ يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي قَالَ: كَانَ أَبِي يَقُولُ هَذَا. وَقَالَ آخَرُونَ مَعْنَى ذَلِكَ، لَا تَقْرَبُوا الْمُصَلَّى لِلصَّلَاةِ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا تَقْرَبُوهُ جُنُبًا حَتَّى تَغْتَسِلُوا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ يَعْنِي: إِلَّا مُجْتَازِينَ فِيهِ لِلْخُرُوجِ مِنْهُ. فَقَالَ أَهْلُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ: أُقِيمَتِ "الصَّلَاة" مَقَامَ "الْمُصَلَّى" " وَالْمَسْجِدِ " إِذْ كَانَتْ صَلَاةُ الْمُسْلِمِينَ فِي مَسَاجِدِهِمْ أَيَّامَئِذٍ لَا يَتَخَلَّفُونَ عَنِ التَّجْمِيعِ فِيهَا. فَكَانَ فِي النَّهْيِ عَنْ أَنْ يَقْرَبُوا الصَّلَاةَ كِفَايَةٌ عَنْ ذِكْرِ الْمَسَاجِدِ وَالْمُصَلَّى الَّذِي يُصَلُّونَ فِيهِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ فِي قَوْلِهِ: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} قَالَ: هُوَ الْمَمَرُّ فِي الْمَسْجِدِ. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنِ ابْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} " قَالَ: لَا تَقْرَبِ الْمَسْجِدَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ طَرِيقُكَ فِيهِ، فَتَمُرُّ مَارًّا وَلَا تَجْلِسْ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدٍ فِيالْجُنُبِ: يَمُرُّ فِي الْمَسْجِدِمُجْتَازًا وَهُوَ قَائِمٌ لَا يَجْلِسُ وَلَيْسَ بِمُتَوَضِّئٍ. وَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} ". حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ، عَنْ نَهْشَلٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَا بَأْسَ لِلْحَائِضِ وَالْجُنُبِ أَنْ يَمُرَّا فِي الْمَسْجِدِ مَا لَمْ يَجْلِسَا فِيهِ. حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ قَالَ: كَانَ أَحَدُنَا يَمُرُّ فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ جُنُبٌ مُجْتَازًا. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} قَالَ: الْجُنُبُ يَمُرُّ فِي الْمَسْجِدِ وَلَا يَقْعُدُ فِيهِ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَا: جَمِيعًا، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ فِي قَوْلِهِ: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} قَالَ: إِذَا لَمْ يَجِدْ طَرِيقًا إِلَّا الْمَسْجِدَ يَمُرُّ فِيهِ. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} قَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ يَمُرَّ الْجُنُبُ فِي الْمَسْجِدِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ طَرِيقٌ غَيْرُهُ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ مِثْلَهُ. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا [الْحِمَّانِيُّ] قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: الْجُنُبُ يَمُرُّ فِي الْمَسْجِدِ وَلَا يَجْلِسُ فِيهِ. ثُمَّ قَرَأَ: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} ". حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا الْحِمَّانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ مِثْلَهُ. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا الْحِمَّانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ مِثْلَهُ. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا الْحِمَّانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى مِثْلَهُ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: لَا بَأْسَ لِلْحَائِضِ وَالْجُنُبِ أَنْ يَمُرَّا فِي الْمَسْجِدِ، وَلَا يَقْعُدَا فِيهِ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدٍ، عَنِ الزَّهْرِيِّ قَالَ: رُخِّصَ لِلْجُنُبِ أَنْ يَمُرَّ فِي الْمَسْجِدِ. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ}: أَنَّ رِجَالًا مِنَ الْأَنْصَارِ كَانَتْ أَبْوَابُهُمْ فِي الْمَسْجِدِ، تُصِيبُهُمْ جَنَابَةٌ وَلَا مَاءَ عِنْدَهُمْ، فَيُرِيدُونَ الْمَاءَ وَلَا يَجِدُونَ مَمَرًّا إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ ". حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، " {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} قَالَ: لَا يَجْتَازُ فِي الْمَسْجِدِ إِلَّا أَنْ لَا يَجِدَ طَرِيقًا غَيْرَهُ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ، عَنِ ابْنِ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِيهِ: لَا يَمُرُّ الْجُنُبُ فِي الْمَسْجِدِ يَتَّخِذُهُ طَرِيقًا. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ بِالتَّأْوِيلِ لِذَلِكَ تَأْوِيلُ مَنْ تَأَوَّلَهُ: وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ، إِلَّا مُجْتَازِي طَرِيقٍ فِيهِ. وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ بَيَّنَحُكْمَ الْمُسَافِرِ إِذَا عَدِمَ الْمَاءَ وَهُوَ جُنُبٌ فِي قَوْلِهِ: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا}، فَكَانَ مَعْلُومًا بِذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ "وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا" لَوْ كَانَ مَعْنِيًّا بِهِ الْمُسَافِرُ لَمْ يَكُنْ لِإِعَادَةِ ذِكْرِهِ فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ " مَعْنًى مَفْهُومٌ، وَقَدْ مَضَى ذِكْرُ حُكْمِهِ قَبْلَ ذَلِكَ. وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَتَأْوِيلُ الْآيَةِ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الْمَسَاجِدَ لِلصَّلَاةِ مُصَلِّينَ فِيهَا وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ، وَلَا تَقْرَبُوهَا – أَيْضًا- جُنُبًا حَتَّى تَغْتَسِلُوا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ. " وَالْعَابِرُ السَّبِيلِ ": الْمُجْتَازُهُ مَرًّا وَقَطْعًا. يُقَالُ مِنْهُ: عَبَرْتُ هَذَا الطَّرِيقَ فَأَنَا أَعْبُرُهُ عَبْرًا وَعُبُورًا ". وَمِنْهُ قِيلَ: عَبَرَ فُلَانٌ النَّهْرَ ": إِذَا قَطَعَهُ وَجَازَهُ. وَمِنْهُ قِيلَ لِلنَّاقَةِ الْقَوِيَّةِ عَلَى الْأَسْفَارِ: هِيَ عَبْرُ أَسْفَارٍ، وَعُبْرُ أَسْفَارٍ؛ لِقُوَّتِهَا عَلَى الْأَسْفَارِ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ}. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: يَعْنِي بِقَوْلِهِ- جَلَّ ثَنَاؤُهُ-: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى: مِنْ جُرْحٍ أَوْ جُدَرِيٍّ وَأَنْتُمْ جُنُبٌ كَمَا:- حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْمُنَبِّهِ الْفَضْلُ بْنُ سُلَيْمٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَوْلَهُ: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ قَالَ: الْمَرِيضُ الَّذِي قَدْ أُرْخِصُ لَهُ فِي التَّيَمُّمِ، هُوَ الْكَسِيرُ وَالْجَرِيحُ. فَإِذَا أَصَابَتِ الْجَنَابَةُ الْكَسِيرَ اغْتَسَلَ، وَالْجَرِيحَ لَا يَحِلُّ جِرَاحَتَهُ إِلَّا جِرَاحَةً لَا يَخْشَى عَلَيْهَا. حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ الْمُنْتَصِرِ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الْأَزْرَقُ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ قَالَ: فِي هَذِهِ الْآيَةِ: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ} قَالَ: هِيَ لِلْمَرِيضِ الَّذِي بِهِ الْجِرَاحَةُ الَّتِي يَخَافُ مِنْهَا أَنْ يَغْتَسِلَ، فَلَا يَغْتَسِلُ. فَرُخِّصَ لَهُ فِي التَّيَمُّمِ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى}: "وَالْمَرَض" هُوَ الْجِرَاحُ. وَالْجِرَاحَةُ الَّتِي يَتَخَوَّفُ عَلَيْهِ مِنَ الْمَاءِ إِنْ أَصَابَهُ ضُرَّ صَاحِبُهُ، فَذَلِكَ يَتَيَمَّمُ صَعِيدًا طَيِّبًا. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَزْرَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى} قَالَ: إِذَا كَانَ بِهِ جُرُوحٌ أَوْ قُرُوحٌ يَتَيَمَّمُ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَكَّامٌ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى} قَالَ: مِنَ الْقُرُوحِ تَكُونُ فِي الذِّرَاعَيْنِ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى} قَالَ: الْقُرُوحُ فِي الذِّرَاعَيْنِ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ قَالَ: صَاحِبُ الْجِرَاحَةِ الَّتِي يَتَخَوَّفُ عَلَيْهِ مِنْهَا يَتَيَمَّمُ. ثُمَّ قَرَأَ: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ} ". حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى}، " وَالْمَرَضُ ": أَنْ يُصِيبَ الرَّجُلَ الْجُرْحُ وَالْقُرْحُ وَالْجُدَرِيُّ، فَيَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ بَرْدِ الْمَاءِ وَأَذَاهُ يَتَيَمَّمُ بِالصَّعِيدِ كَمَا يَتَيَمَّمُ الْمُسَافِرُ الَّذِي لَا يَجِدُ الْمَاءَ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَاصِمٍ – يَعْنِي- الْأَحْوَلِ عَنِ الشَّعْبِيِّ: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ [قَوْلِهِ]: الْمَجْدُورُ تُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ؟ قَالَ: ذَهَبَ فُرْسَانُ هَذِهِ الْآيَةِ. وَقَالَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ مَا:- حَدَّثَنِي بِهِ يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} قَالَ: الْمَرِيضُ الَّذِي لَا يَجِدُ أَحَدًا يَأْتِيهِ بِالْمَاءِ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ لَهُ خَادِمٌ وَلَا عَوْنٌ، فَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَتَنَاوَلَ الْمَاءَ، وَلَيْسَ عِنْدَهُ مَنْ يَأْتِيهِ بِهِ، وَلَا يَحْبُو إِلَيْهِ، تَيَمَّمَ وَصَلَّى إِذَا حَلَّتِ الصَّلَاةُ قَالَ: هَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي إِذَا كَانَ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَتَنَاوَلَ الْمَاءَ، وَلَيْسَ عِنْدَهُ مَنْ يَأْتِيهِ بِهِ، لَا يَتْرُكُ الصَّلَاةَ، وَهُوَ أَعْذَرُ مِنَ الْمُسَافِرِ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَتَأْوِيلُ الْآيَةِ إذًا: وَإِنْ كُنْتُمْ جَرْحَى أَوْ بِكُمْ قُرُوحٌ، أَوْ كَسْرٌ، أَوْ عِلَّةٌ لَا تَقْدِرُونَ مَعَهَا عَلَىالِاغْتِسَالِ مِنَ الْجَنَابَةِ، وَأَنْتُمْ مُقِيمُونَ غَيْرُ مُسَافِرِينَ فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا. وَأَمَّا قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى سَفَرٍ، فَإِنَّهُ يَعْنِي: أَوْ إِنْ كُنْتُمْ مُسَافِرِينَ وَأَنْتُمْ أَصِحَّاءُ جُنُبٌ، فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا. وَكَذَلِكَ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ}: يَقُولُ: أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ، قَدْ قَضَى حَاجَتَهُ وَهُوَ مُسَافِرٌ صَحِيحٌ، فَلْيَتَيَمَّمْ صَعِيدًا أَيْضًا. " وَالْغَائِطُ ": مَا اتَّسَعَ مِنَ الْأَوْدِيَةِ وَتَصَوَّبَ. وَجُعِلَ كِنَايَةً عَنْ قَضَاءِ حَاجَةِ الْإِنْسَانِ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَخْتَارُ قَضَاءَ حَاجَتِهَا فِي الْغِيطَانِ، فَكَثُرَ ذَلِكَ مِنْهَا حَتَّى غَلَبَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ، فَقِيلَ لِكُلِّ مَنْ قَضَى حَاجَتَهُ الَّتِي كَانَتْ تُقْضَى فِي الْغِيطَانِ، حَيْثُ قَضَاهَا مِنَ الْأَرْضِ: مُتَغَوِّطٌ " وَجَاءَ فُلَانٌ مِنَ الْغَائِط" يَعْنِي بِهِ: قَضَى حَاجَتَهُ الَّتِي كَانَتْ تُقْضَى فِي الْغَائِطِ مِنَ الْأَرْضِ. وَذُكِرَ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ قَالَ فِي " الْغَائِطِ ": الْوَادِي. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} قَالَ الْغَائِطُ: الْوَادِي.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ}. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: يَعْنِي بِذَلِكَ- جَلَّ ثَنَاؤُهُ-: أَوْ بَاشَرْتُمُ النِّسَاءَ بِأَيْدِيكُمْ. ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي "اللَّمْس" الَّذِي عَنَاهُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ: أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ ". فَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَنَى بِذَلِكَ الْجِمَاعَ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: ذَكَرُوا اللَّمْسَ، فَقَالَ نَاسٌ مِنَ الْمَوَالِي: لَيْسَ بِالْجِمَاعِ. وَقَالَ نَاسٌ مِنَ الْعَرَبِ: اللَّمْسُ الْجِمَاعُ. قَالَ: فَأَتَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقُلْتُ: إِنَّ نَاسًا مِنَ الْمَوَالِي وَالْعَرَبِ اخْتَلَفُوا فِي "اللَّمْسِ "، فَقَالَتِ الْمَوَالِي: لَيْسَ بِالْجِمَاعِ، وَقَالَتِ الْعَرَبُ: الْجِمَاعُ. قَالَ: مِنْ أَيِّ الْفَرِيقَيْنِ كُنْتَ؟ قُلْتُ: كُنْتُ مِنَ الْمَوَالِي. قَالَ: غُلِبَ فَرِيقُ الْمُوَالِي، إِن" الْمَسَّ " وَاللَّمْسَ "، " وَالْمُبَاشَرَةَ " الْجِمَاعُ، وَلَكِنَّ اللَّهَ يُكَنِّي مَا شَاءَ بِمَا شَاءَ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ قَالَ: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} قَالَ: هُوَ الْجِمَاعُ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: اخْتَلَفْتُ أَنَا وَعَطَاءٌ وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ فِي قَوْلِهِ: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ}: فَقَالَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ: هُوَ الْجِمَاعُ. وَقُلْتُ أَنَا وَعَطَاءٌ: هُوَ اللَّمْسُ. قَالَ: فَدَخَلْنَا عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَسَأَلْنَاهُ فَقَالَ: غُلِبَ فَرِيقُ الْمُوَالِي، وَأَصَابَتِ الْعَرَبُ، هُوَ الْجِمَاعُ، وَلَكِنَّ اللَّهَ يَعِفُّ وَيُكَنِّي. حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَعُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ: اخْتَلَفُوا فِي الْمُلَامَسَةِ، فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعَطَاءٌ: الْمُلَامَسَةُ مَا دُونُ الْجِمَاعِ. وَقَالَ عُبَيْدٌ: هُوَ النِّكَاحُ. فَخَرَجَ عَلَيْهِمُ ابْنُ عَبَّاسٍ فَسَأَلُوهُ، فَقَالَ: أَخْطَأَ الْمَوْلَيَانِ وَأَصَابَ الْعَرَبِيُّ. الْمُلَامَسَةُ النِّكَاحُ، وَلَكِنَّ اللَّهَ يُكَنِّي وَيَعِفُّ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: اجْتَمَعَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعَطَاءٌ وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ فَذَكَرَ نَحْوَهُ. حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَثْمَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعَطَاءٌ فِي التَّمَاسِ: الْغَمْزُ بِالْيَدِ. وَقَالَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ: الْجِمَاعُ. فَخَرَجَ عَلَيْهِمُ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ: أَخْطَأَ الْمَوْلَيَانِ وَأَصَابَ الْعَرَبِيُّ، وَلَكِنَّهُ يَعِفُّ وَيُكَنِّي. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ وَيَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَا: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: اللَّمْسُ: الْجِمَاعُ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ. حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: اللَّمْسُ " وَالْمَس" " وَالْمُبَاشَرَةُ ": الْجِمَاعُ، وَلَكِنَّ اللَّهَ يُكَنِّي بِمَا شَاءَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْأَزْرَقُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الْمُلَامَسَةُ الْجِمَاعُ، وَلَكِنَّ اللَّهَ كَرِيمٌ يُكَنِّي عَمَّا شَاءَ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ. حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي وَحْشِيَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: اخْتَلَفَتِ الْعَرَبُ وَالْمَوَالِي فِي "الْمُلَامَسَة" عَلَى بَابِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَتِ الْعَرَبُ: الْجِمَاعُ، وَقَالَتِ الْمَوَالِي: بِالْيَدِ. قَالَ: فَخَرَجَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ: غُلِبَ فَرِيقُ الْمُوَالِي. الْمُلَامَسَةُ: الْجِمَاعُ. حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: كُنَّا عَلَى بَابِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَذَكَرَ نَحْوَهُ. حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا دَاوُدُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قَعَدَ قَوْمٌ عَلَى بَابِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَذَكَرَ نَحْوَهُ. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ}: الْمُلَامَسَةُ هُوَ النِّكَاحُ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: اجْتَمَعَتِ الْمُوَالِي وَالْعَرَبُ فِي الْمَسْجِدِ، وَابْنُ عَبَّاسٍ فِي الصُّفَّةِ، فَاجْتَمَعَتِ الْمَوَالِي عَلَى أَنَّ "اللَّمْس" دُونَ الْجِمَاعِ، وَاجْتَمَعَتِ الْعَرَبُ عَلَى أَنَّهُ الْجِمَاعُ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مِنْ أَيِّ الْفَرِيقَيْنِ أَنْتَ؟ قُلْتُ: مِنَ الْمَوَالِي. قَالَ: غُلِبْتَ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: اللَّمْسُ: الْجِمَاعُ. وَبِهِ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ بَكْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: هُوَ الْجِمَاعُ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ زُهَيْرٍ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصٌ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ إِيَاسٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} قَالَ: الْجِمَاعُ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: الْجِمَاعُ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: الْجِمَاعُ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ خُصَيْفٍ قَالَ: سَأَلْتُ مُجَاهِدًا فَقَالَ ذَلِكَ. حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ وَالْحُسْنِ قَالَا: غَشَيَانُ النِّسَاءِ. وَقَالَ آخَرُونَ: عَنَى اللَّهُ بِذَلِكَ كُلَّ لَمْسٍ بِيَدٍ كَانَ أَوْ بِغَيْرِهَا مِنْ أَعْضَاءِ جَسَدِ الْإِنْسَانِ، وَأَوْجَبُوا الْوُضُوءَ عَلَى مَنْ مَسَّ بِشَيْءٍ مِنْ جَسَدِهِ شَيْئًا مِنْ جَسَدِهَا مُفْضِيًا إِلَيْهِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمَثْنَى قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُخَارِقٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ: شَيْئًا هَذَا مَعْنَاهُ: الْمُلَامَسَةُ مَا دُونُ الْجِمَاعِ. حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلَالٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَوْ: عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ- مَنْصُورٌ الَّذِي شَكَّ- قَالَ: الْقُبْلَةُ مِنَ الْمَسِّ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُخَارِقٍ، عَنْ طَارِقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: اللَّمْسُ: مَا دُونُ الْجِمَاعِ. حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: اللَّمْسُ: مَا دُونُ الْجِمَاعِ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: الْقُبْلَةُ مِنَ اللَّمْسِ. حَدَّثَنَا أَبُو السَّائِبِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: الْقُبْلَةُ مِنَ اللَّمْسِ، وَفِيهَا الْوُضُوءُ. حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ الْمُنْتَصِرِ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ مِثْلَهُ. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمُ بْنُ أَخْضَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَبِيدَةَ عَنْ قَوْلِهِ: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} قَالَ: فَأَشَارَ بِيَدِهِ هَكَذَا وَحَكَاهُ سُلَيْمٌ وَأَرَانَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فَضَمَّ أَصَابِعَهُ. حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ وَابْنُ وَكِيعٍ قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَبِيدَةَ عَنْ قَوْلِهِ: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} قَالَ بِيَدِهِ، فَطَبِنْتُ مَا عَنَى، فَلَمْ أَسْأَلْهُ. حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ: ذَكَرُوا عِنْدَ مُحَمَّدٍ مَسَّ الْفَرَجِ، وَأَظُنُّهُمْ ذَكَرُوا مَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ مُحَمَّدٌ: قُلْتُ لِعَبِيدَةَ: قَوْلُهُ: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ}: فَقَالَ بِيَدِهِ. قَالَ ابْنُ عَوْنٍ بِيَدِهِ كَأَنَّهُ يَتَنَاوَلُ شَيْئًا يَقْبِضُ عَلَيْهِ. حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: قَالَ عَبِيدَةُ: اللَّمْسُ بِالْيَدِ. قَالَ [يَعْقُوبُ]: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَبِيدَةَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ}: فَقَالَ بِيَدِهِ، وَضَمَّ أَصَابِعَهُ، حَتَّى عَرَفَتُ الَّذِي أَرَادَ. حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَتَوَضَّأُ مِنْقُبْلَةِ الْمَرْأَةِ، حُكْمُ الْوُضُوءِ مِنْهَا وَيَرَى فِيهَا الْوُضُوءَ، وَيَقُولُ: هِيَ مِنَ اللِّمَاسِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عَامِرٍ قَالَ: الْمُلَامَسَةُ مَا دُونُ الْجِمَاعِ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحِلُّ بْنُ مُحْرِزٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: اللَّمْسُ مِنْ شَهْوَةٍ نَوَاقِضُ الْوُضُوءِ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ.. حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ وَحَمَّادٍ أَنَّهُمَا قَالَا: اللَّمْسُ مَا دُونُ الْجِمَاعِ. حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: الْمُلَامَسَةُ مَا دُونُ الْجِمَاعِ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصٌ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: الْمُلَامَسَةُ مَا دُونُ الْجِمَاعِ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ بَيَانٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: الْمُلَامَسَةُ مَا دُونُ الْجِمَاعِ. قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مِثْلَهُ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مِثْلَهُ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي مِعْشَرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ الْمُلَامَسَةُ مَا دُونُ الْجِمَاعِ. ثُمَّ قَرَأَ: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} ". حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: سَأَلْتُ عَبِيدَةَ عَنْ: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ}: فَقَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا، فَعَرَفْتُ مَا يَعْنِي. حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ أَبِيهِ وَحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ: الْقُبْلَةُ مِنَ اللَّمْسِ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ زُهَيْرٍ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ: الْقُبْلَةُ وَالشَّيْءُ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: عَنَى اللَّهُ بِقَوْلِهِ: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ}: الْجِمَاعَ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ مَعَانِي اللَّمْسِ؛ لِصِحَّةِ الْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَبَّلَ بَعْضَ نِسَائِهِ ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. حَدَّثَنِي بِذَلِكَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى السُّدِّيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عُرْوَةَ، «عَنْ عَائِشَة قالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ ثُمَّ يُقَبِّلُ، ثُمَّ يُصَلِّي وَلَا يَتَوَضَّأ». حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عُرْوَةَ، «عَنْ عَائِشَة: أَنَّ النَّبِيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَبَّلَ بَعْضَ نِسَائِهِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. قُلْتُ: مَنْ هِيَ إِلَّا أَنْتِ؟ فَضَحِكَت». حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْزَيْنَبَ السَّهْمِيَّةِ، «عَنِ النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ كَانَ يُقَبِّلُ ثُمَّ يُصَلِّي وَلَا يَتَوَضَّأ». حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدٍ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ قَالَ: حَدَّثَنَا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مِنْدَلٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشَة وعَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، «عَنْ عَائِشَة قالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَنَالُ مِنِّي الْقُبْلَةَ بَعْدَ الْوُضُوءِ، ثُمَّ لَا يُعِيدُ الْوُضُوء» حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى الْأُمَوِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، «عَنْأُمِّ سَلَمَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُقَبِّلُهَا وَهُوَ صَائِمٌ، ثُمَّ لَا يُفْطِرُ، وَلَا يُحْدِثُ وُضُوءًا». فَفِي صِحَّةِ الْخَبَرِ فِيمَا ذَكَرَنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الدَّلَالَةُ الْوَاضِحَةُ عَلَى أَنَّ "اللَّمْس" فِي هَذَا الْمَوْضِعِ لَمْسُ الْجِمَاعِ، لَا جَمِيعَ مَعَانِي اللَّمْسِ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ: وَهُـنَّ يَمْشِـينَ بِنَـا هَمِيسَـا *** إِنْ تَصْـدُقِ الطَّـيْرُ نَنِـكْ لَمِيسَـا يَعْنِي بِذَلِكَ: نَنِكُ لِمَاسًا. وَذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَصَابَتْهُمْ جَنَابَةٌ، وَفِيهِمْ جِرَاحٌ. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ فِيالْمَرِيضِ لَا يَسْتَطِيعُ الْغُسْلَ مِنَ الْجَنَابَةِ، أَوِ الْحَائِضِ، قَالَ: يَجْزِيهِمُ التَّيَمُّمُ. وَقَالَ: أَصَابَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جِرَاحَةٌ فَفَشَتْ فِيهِمْ، ثُمَّ ابْتُلُوا بِالْجَنَابَةِ، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَنَزَلَتْ: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ}: الْآيَةَ كُلَّهَا. وَقَالَ آخَرُونَ: نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَعْوَزَهُمُ الْمَاءُ فَلَمْ يَجِدُوهُ فِي سَفَرٍ لَهُمْ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَة أنَّهَا قَالَتْ: كُنْتُ فِي مَسِيرٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى إِذَا كُنَّا بِذَاتِ الْجَيْشِ ضَلَّ عِقْدِي فَأَخْبَرْتُ بِذَلِكَ النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَمَرَ بِالْتِمَاسِهِ، فَالْتُمِسَ فَلَمْ يُوجَدْ، فَأَنَاخَ النَّبِيُّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَاخَ النَّاسُ، فَبَاتُوا لَيْلَتَهُمْ تِلْكَ، فَقَالَ النَّاسُ: حَبَسَتْ عَائِشَة النَّبِيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَتْ: فَجَاءَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ وَرَأْسُ النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسُلَّمَ- فِي حِجْرِي وَهُوَ نَائِمٌ، فَجَعَلَ يَهْمِزُنِي وَيَقْرُصُنِي وَيَقُولُ مِنْ أَجْلِ عِقْدِكِ حَبَسَتِ النَّبِيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَتْ: فَلَا أَتَحَرَّكُ مَخَافَةَ أَنْ يَسْتَيْقِظَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ أَوْجَعَنِي، فَلَا أَدْرِي كَيْفَ أَصْنَعُ. فَلَمَّا رَآنِي لَا أُحَيِّرُ إِلَيْهِ انْطَلَقَ. فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَرَادَ الصَّلَاةَ فَلَمْ يَجِدْ مَاءً. قَالَتْ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ – تَعَالَى- آيَةَ التَّيَمُّمِ. قَالَتْ: فَقَالَ ابْنُ حُضَيْرٍ: مَا هَذَا بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ. حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ فِي سَفَرٍ، فَفَقَدَتْ عَائِشَة قلَادَةً لَهَا، فَأَمَرَ النَّاسِ بِالنُّزُولِ، فَنَزَلُوا وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ. فَأَتَى أَبُو بَكْرٍ عَلَى عَائِشَة فَقَالَ لَهَا: شَقَقْتِ عَلَى النَّاسِ! وَقَالَ أَيُّوبُ بِيَدِهِ يَصِفُ أَنَّهُ قَرَصَهَا. قَالَ: وَنَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ، وَوُجِدَتِ الْقِلَادَةُ فِي مُنَاخِ الْبَعِيرِ. فَقَالَ النَّاسُ: مَا رَأَيْنَا قَطُّ امْرَأَةً أَعْظَمَ بَرَكَةً مِنْهَا ! حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهِلَالِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي عِمْرَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَدَّادُ قَالَ: حَدَّثَنِي الرَّبِيعُ بْنُ بَدْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَجُلٍ مِنَّا مِنْ بَلْعَرْجَ يُقَالُ لَهُ الْأَسْلَعُ قَالَ: كُنْتُ أَخْدُمُ النَّبِيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَرْحَلُ لَهُ، فَقَالَ لِي ذَاتَ لَيْلَةٍ: يَا أَسْلَعُ قُمْ فَارْحَلْ لِي. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ. فَسَكَتَ سَاعَةً، ثُمَّ دَعَانِي وَأَتَاهُ جِبْرِيلُ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- بِآيَةِ الصَّعِيدِ، وَوَصَفَ لَنَا ضَرْبَتَيْنِ. حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي الرَّبِيعُ بْنُ بَدْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَجُلٍ مِنَّا يُقَالُ لَهُ الْأَسْلَعُ قَالَ: كُنْتُ أَخْدُمُ النَّبِيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَذَكَرَ مِثْلَهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: فَسَكَتَ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَيْئًا أَوْ قَالَ: سَاعَةً- الشَّكُّ مِنْ عَمْرٍو- قَالَ: وَأَتَاهُ جِبْرِيلُ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- بِآيَةِ الصَّعِيدِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: قُمْ يَا أَسْلَعُ فَتَيَمَّمْ. قَالَ: فَتَيَمَّمْتُ ثُمَّ رَحَلْتُ لَهُ. قَالَ: فَسِرْنَا حَتَّى مَرَرْنَا بِمَاءٍ، فَقَالَ: يَا أَسْلَعُ مَسَّ أَوْ: أَمَسَّ بِهَذَا جِلْدَكَ. قَالَ: وَأَرَانِي التَّيَمُّمَ، كَمَا أَرَاهُ أَبُوهُ: ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ، وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ وَالْمُرْفَقَيْنِ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ بُغَيْلٍ قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ: أَنَّهُ حَدَّثَهُ ذَكْوَانُ أَبُو عَمْرٍو حَاجِبُ عَائِشَة: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ دَخَلَ عَلَيْهَا فِي مَرَضِهَا فَقَالَ: أَبْشِرِي، كُنْتِ أَحَبَّ نِسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُحِبُّ إِلَّا طَيِّبًا، وَسَقَطَتْ قِلَادَتُكِ لَيْلَةَ الْأَبْوَاءِ، فَأَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَلْتَقِطُهَا حَتَّى أَصْبَحَ فِي الْمَنْزِلِ، فَأَصْبَحَ النَّاسُ لَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: " تَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا "، فَكَانَ ذَلِكَ مِنْ سَبَبِكِ، وَمَا أَذِنَ اللَّهُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ مِنَ الرُّخْصَةِ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَة: أَنَّهَا اسْتَعَارَتْ مِنْأَسْمَاءَقِلَادَةً فَهَلَكَتْ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رِجَالًا فِي طَلَبِهَا، فَوَجَدُوهَا. وَأَدْرَكَتْهُمُ الصَّلَاةُ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَصَلَّوْا بِغَيْرِ وُضُوءٍ. فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةُ التَّيَمُّمِ. فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ لِعَائِشَة: جَزَاكِ اللَّهُ خَيْرًا، فَوَاللَّهِ مَا نَزَلَ بِكِ أَمْرٌ تَكْرَهِينَهُ إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ لَكِ وَلِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ خَيْرًا. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَة زوْجِ النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَنَّهَا قَالَتْ: سَقَطَتْ قِلَادَةٌ لِي بِالْبَيْدَاءِ، وَنَحْنُ دَاخِلُونَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَأَنَاخَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَنَزَلَ. فَبَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حِجْرِي رَاقِدٌ، أَقْبَلَ أَبِي فَلَكَزَنِي لَكْزَةً ثُمَّ قَالَ: حَبَسَتِ النَّاسَ. ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اسْتَيْقَظَ وَحَضَرَتِ الصُّبْحُ، فَالْتَمَسَ الْمَاءَ فَلَمْ يُوجَدْ، وَنَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} " الْآيَةَ. قَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ: لَقَدْ بَارَكَ اللَّهُ لِلنَّاسِ فِيكُمْ يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ! مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَرَكَةٌ ! حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ شَبِيبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: دَخَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى عَائِشَة فَقَالَ: كُنْتِ أَعْظَمَ الْمُسْلِمِينَ بَرَكَةً عَلَى الْمُسْلِمِينَ. سَقَطَتْ قِلَادَتُكِ بِالْأَبْوَاءِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيكِ آيَةَ التَّيَمُّمِ. وَاخْتَلَفَتِ الْقَرَأَةُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ ". فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قَرَأَةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَبَعْضُ الْبَصْرِيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ: {أَوْ لَامَسْتُمُ} بِمَعْنَى: أَوْ لَمَسْتُمْ نِسَاءَكُمْ وَلَمَسْنَكُمْ. وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قَرَأَةِ الْكُوفِيِّينَ: {أَوْ لَمَسْتُمُ النِّسَاءَ} بِمَعْنَى: أَوْ لَمَسْتُمْ أَنْتُمْ أَيُّهَا الرِّجَالُ نِسَاءَكُمْ. وَهُمَا قِرَاءَتَانِ مُتَقَارَبَتَا الْمَعْنَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ الرَّجُلُ لَامِسًا امْرَأَتَهُ إِلَّا وَهِيَ لَامِسَتُهُ. فَـ "اللَّمْس" فِي ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى مَعْنَى "اللِّمَاسِ "، " وَاللِّمَاسُ "عَلَى مَعْنَى" اللَّمْسِ " مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ. فَبِأَيِّ الْقِرَاءَتَيْنِ قَرَأَ ذَلِكَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ، لِاتِّفَاقِ مَعْنَيَيْهِمَا.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا}. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: يَعْنِي بِقَوْلِهِ- جَلَّ ثَنَاؤُهُ-: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً}: "أَوْ لَمَسْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلَبْتُمُ الْمَاءَ لِتَتَطَهَّرُوا بِهِ فَلَمْ تَجِدُوهُ بِثَمَنٍ وَلَا غَيْرِ ثَمَن" فَتَيَمَّمُوا " يَقُولُ: فَتَعَمَّدُوا. وَهُوَ: تَفَعَّلُوا "مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: تَيَمَّمْتُ كَذَا: إِذَا قَصَدَتْهُ وَتَعَمَّدَتْه" فَأَنَا أَتَيَمَّمُهُ ". وَقَدْ يُقَالُ مِنْهُ: يَمَّمَهُ فُلَانٌ فَهُوَ يُيَمِّمُهُ "، "وَأَمَّمَتْهُ أَنَا" " وَأَمَمْتُهُ "خَفِيفَةً، " وَتَيَمَّمْتُ وَتَأَمَّمْتُ "، وَلَمْ يُسْمَعْ فِيهَا "يَمَمْت" خَفِيفَةً. وَمِنْهُ قَوْلُ أَعْشَى بَنِي ثَعْلَبَةَ: تَيَمَّمْـتَ قَيْسًـا وَكَـمْ دُونَـهُ *** مِـنَ الْأَرْضِ مِـنْ مُهِمَّـةٍ ذِي شَـزَنٍ يَعْنِي بِقَوْلِهِ: تَيَمَّمْتَ " تَعَمَّدْتَ وَقَصَدْتَ. وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّهَا فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ: فَأُمُّوا صَعِيدًا ". وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} قَالَ: تَحَرَّوْا وَتَعَمَّدُوا صَعِيدًا طَيِّبًا. وَأَمَّا "الصَّعِيد" فَإِنَّ أَهْلَ التَّأْوِيلِ اخْتَلَفُوا فِيهِ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ الْأَرْضُ الْمَلْسَاءُ الَّتِي لَا نَبَاتَ فِيهَا وَلَا غِرَاسَ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: {صَعِيدًا طَيِّبًا} قَالَ: الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَجَرٌ وَلَا نَبَاتٌ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ هُوَ الْأَرْضُ الْمُسْتَوِيَةُ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: الصَّعِيدُ ": الْمُسْتَوِي. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلِ " الصَّعِيدُ ": التُّرَابُ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ بَشِيرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ قَيْسٍ الْمُلَائِيُّ قَالَ: الصَّعِيدُ التُّرَابُ. وَقَالَ آخَرُونَ: الصَّعِيدُ " وَجْهُ الْأَرْضِ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ هُوَ وَجْهُ الْأَرْضِ ذَاتِ التُّرَابِ وَالْغُبَارِ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: هُوَ وَجْهُ الْأَرْضِ الْخَالِيَةِ مِنَ النَّبَاتِ وَالْغُرُوسِ وَالْبِنَاءِ الْمُسْتَوِيَةِ ". وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ: كَأنَّـهُ بِـالضُّحَى تَـرْمِي الصَّعِيـدَ بِهِ *** دَبَّابَـةٌ فِـي عِظَـامِ الـرَّأْسِ خُرْطُومُ يَعْنِي: تَضْرِبُ بِهِ وَجْهَ الْأَرْضِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: طَيِّبًا " فَإِنَّهُ يَعْنِي بِهِ: طَاهِرًا مِنَ الْأَقْذَارِ وَالنَّجَاسَاتِ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: طَيِّبًا ". فَقَالَ بَعْضُهُمْ: حَلَالًا.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {صَعِيدًا طَيِّبًا} " قَالَ: قَالَ بَعْضُهُمْ: حَلَالًا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِمَا:- حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قِرَاءَةً قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} قَالَ: طَيِّبٌ مَا حَوْلَكَ. قُلْتُ: مَكَانٌ جَرْدٌ غَيْرُ بَطِحٍ أَيُجْزِئُ عَنِّي؟ قَالَ: نَعَمْ. وَمَعْنَى الْكَلَامِ: فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَاءً أَيُّهَا النَّاسُ، وَكُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ، أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ، أَوْ لَمَسْتُمُ النِّسَاءَ فَأَرَدْتُمْ أَنْ تُصَلُّوا "فَتَيَمَّمُوا ". يَقُولُ: فَتَعَمَّدُوا وَجْهَ الْأَرْضِ الطَّاهِرَة" فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ ".
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ}. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: يَعْنِي بِذَلِكَ- جَلَّ ثَنَاؤُهُ-: فَامْسَحُوا مِنْهُ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ، وَلَكِنَّهُ تَرَكَ ذِكْرَ "مِنْه" اكْتِفَاءً بِدَلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ. " وَالْمَسْحُ مِنْهُ بِالْوَجْهِ ": أَنْ يَضْرِبَ الْمُتَيَمِّمُ بِيَدَيْهِ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ الطَّاهِرِ أَوْ مَا قَامَ مَقَامَهُ، فَيَمْسَحُ بِمَا عَلَقَ مِنَ الْغُبَارِ وَجْهَهُ. فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَقَ بِهِ مِنَ الْغُبَارِ كَثِيرًا فَنَفَخَ عَنْ يَدَيْهِ أَوْ نَفَضَهُ فَهُوَ جَائِزٌ. وَإِنْ لَمْ يَعْلَقْ بِيَدَيْهِ مِنَ الْغُبَارِ شَيْءٌ وَقَدْ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ أَوْ إِحْدَاهُمَا الصَّعِيدَ، ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا أَوْ بِهَا وَجْهَهُ، أَجْزَأَهُ ذَلِكَ؛ لِإِجْمَاعِ جَمِيعِ الْحُجَّةِ عَلَى أَنَّالْمُتَيَمِّمَ لَوْ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ الصَّعِيدَ وَهُوَ أَرْضُ رَمْلٍ فَلَمْ يَعْلَقْ بِيَدَيْهِ مِنْهَا شَيْءٌ فَتَيَمَّمَ بِهِ، أَنَّ ذَلِكَ مُجْزِئَهُ، لَمْ يُخَالِفْ ذَلِكَ مَنْ يُجَوِّزُ أَنْ يُعْتَدَّ خِلَافًا. فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ إِجْمَاعًا مِنْهُمْ كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ الَّذِي يُرَادُ بِهِ مِنْ ضَرْبِ الصَّعِيدِ بِالْيَدَيْنِ مُبَاشَرَةَ الصَّعِيدِ بِهِمَا، بِالْمَعْنَى الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِمُبَاشَرَتِهِ بِهِمَا، لَا لِأَخْذِ تُرَابٍ مِنْهُ. وَأَمَّا " الْمَسْحُ بِالْيَدَيْنِ ": فَإِنَّ أَهْلَ التَّأْوِيلِ اخْتَلَفُوا فِيالْحَدِّ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِمَسْحِهِ مِنَ الْيَدَيْنِكَيْفِيَّةُ التَّيَمُّمِ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: حَدُّ ذَلِكَ الْكَفَّانِ إِلَى الزَّنْدَيْنِ، وَلَيْسَ عَلَى الْمُتَيَمِّمِ مَسْحُ مَا وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ السَّاعِدَيْنِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِبِ سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ قَالَ: تَيَمَّمَ عَمَّارٌ فَضَرَبَ بِيَدَيْهِ إِلَى التُّرَابِ ضَرْبَةً وَاحِدَةً، ثُمَّ مَسَحَ بِيَدَيْهِ وَاحِدَةً عَلَى الْأُخْرَى، ثُمَّ مَسَحَ وَجْهَهُ، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ أُخْرَى، فَجَعَلَ يَلْوِي يَدَهُ عَلَى الْأُخْرَى، وَلَمْ يَمْسَحِ الذِّرَاعَ. حَدَّثَنَا أَبُو السَّائِبِ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ قَالَ: رَأَيْتُ الشَّعْبِيَّ وَصَفَ لَنَا التَّيَمُّمَ: فَضَرَبَ بِيَدَيْهِ إِلَى الْأَرْضِ ضَرْبَةً، ثُمَّ نَفَضَهُمَا وَمَسَحَ وَجْهَهُ، ثُمَّ ضَرَبَ أُخْرَى، فَجَعَلَ يَلْوِي كَفَّيْهِ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى. وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ مَسَحَ الذِّرَاعَ. حَدَّثَنَا هَنَّادٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ قَالَ: وَضَعَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ كَفَّيْهِ فِي التُّرَابِ، ثُمَّ رَفَعَهُمَا فَنَفَخَهُمَا، فَمَسَحَ وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا التَّيَمُّمُ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو تُمَيْلَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَّامٌ مَوْلَى حَفْصٍ قَالَ: سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ يَقُولُ: التَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ: ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ، وَضَرْبَةٌ لِلْكَفَّيْنِ. حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ وَابْنِ جَابِرٍ: أَنَّ مَكْحُولًا كَانَ يَقُولُ: التَّيَمُّمُ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ إِلَى الْكُوعِ وَيَتَأَوَّلُ مَكْحُولٌ الْقُرْآنَ فِي ذَلِكَ: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [سُورَةُ الْمَائِدَةِ: 6]. وَقَوْلُهُ فِي التَّيَمُّمِ: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ}: وَلَمْ يَسْتَثْنِ فِيهِ كَمَا اسْتَثْنَى فِي الْوُضُوءِ "إِلَى الْمَرَافِق" قَالَ مَكْحُولٌ: قَالَ اللَّهُ {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [سُورَةُ الْمَائِدَةِ: 38]، فَإِنَّمَا تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ مِنْ مَفْصِلِ الْكُوعِ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ التِّنِّيسِيُّ، عَنِ ابْنِ جَابِرٍ: أَنَّهُ رَأَى مَكْحُولًا يَتَيَمَّمُ، يَضْرِبُ بِيَدَيْهِ عَلَى الصَّعِيدِ، ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ بِوَاحِدَةٍ. حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: التَّيَمُّمُ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ. وَعِلَّةُ مَنْ قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ مِنَ الْأَثَرِ مَا: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ، «عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ: أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ التَّيَمُّمِ، فَقَالَ: مَرَّةً لِلْكَفَّيْنِ وَالْوَجْه». وَفِي حَدِيثِ ابْنِ بِشْرٍ: أَنَّ عَمَّارًا سَأَلَ النَّبِيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ التَّيَمُّمِ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ الْقُرَشِيُّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، «عَنِ ابْنِ أَبْزَى قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمْرَ فَقَالَ: إِنِّي أَجْنَبْتُ فَلَمْ أَجِدِ الْمَاءَ، فَقَالَ عُمْرُ: لَا تُصَلِّ. فَقَالَ لَهُ عَمَّارٌ: أَمَا تَذْكُرُ أَنَّا فِي مَسِيرٍ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَجْنَبْتُ أَنَا وَأَنْتَ، فَأَمَّا أَنْتَ فَلَمْ تَصَلِّ، وَأَمَّا أَنَا فَتَمَعَّكْتُ فِي التُّرَابِ وَصَلَّيْتُ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ: وَضَرَبَ كَفَّيْهِ بِالْأَرْضِ، وَنَفَخَ فِيهِمَا، وَمَسَحَ وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً؟.» وَقَالُوا: أَمَرُ اللَّهُ فِي التَّيَمُّمِ بِمَسْحِ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ فَمَامَسَحَ مِنْ وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ فِي التَّيَمُّمِأَجْزَأَهُ، إِلَّا أَنْ يَمْنَعَ مِنْ ذَلِكَ مَا يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ مِنْ أَصْلٍ أَوْ قِيَاسٍ. وَقَالَ آخَرُونَ: حَدُّ الْمَسْحِ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ فِي التَّيَمُّمِأَنْ يَمْسَحَ جَمِيعَ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا عُمْرَانُ بْنُ مُوسَى الْقَزَّازُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ تَيَمُّمَ بِمِرْبَدِ النَّعَمِ، فَضَرَبَ ضَرْبَةً فَمَسَحَ وَجْهَهُ، وَضَرَبَ ضَرْبَةً فَمَسَحَ يَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ. حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ قَالَ: سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ: التَّيَمُّمُ مَسْحَتَانِ، يَضْرِبُ الرَّجُلُ بِيَدَيْهِ الْأَرْضَ يَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ، ثُمَّ يَضْرِبُ بِهِمَا مَرَّةً أُخْرَى فَيَمْسَحُ يَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ. حَدَّثَنِي ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي التَّيَمُّمِ قَالَ: ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ، وَضَرْبَةٌ لِلْكَفَّيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ وَأَبُو السَّائِبِ قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ يَقُولُ فِي الْمَسْحِ فِي التَّيَمُّمِ: إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ. حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ: سَأَلْتُ الْحَسَنَ عَنِ التَّيَمُّمِ، فَضَرَبَ بِيَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ فَمَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ، وَضَرَبَ بِيَدَيْهِ فَمَسَحَ بِهِمَا ذِرَاعَيْهِ ظَاهِرَهُمَا وَبَاطِنَهُمَا. حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ، عَنْ عَامِرٍ: أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [سُورَةُ الْمَائِدَةِ: 6]، وَقَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [سُورَةُ الْمَائِدَةِ: 6]، قَالَ: أَمَرَ أَنْ يُمْسَحَ فِي التَّيَمُّمِ مَا أَمَرَ أَنْ يُغْسَلَ فِي الْوُضُوءِ، وَأَبْطَلَ مَا أَمَرَ أَنْ يُمْسَحَ فِي الْوُضُوءِ: الرَّأْسُ وَالرِّجْلَانِ. حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ جَمِيعًا، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ فِي التَّيَمُّمِ قَالَ: ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ، وَلِلْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: أَمَرَ بِالتَّيَمُّمِ فِيمَا أَمَرَ بِالْغَسْلِ. حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ قَالَ: سَأَلْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ التَّيَمُّمِ، فَضَرَبَ بِيَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ ضَرْبَةً فَمَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ ضَرْبَةً أُخْرَى فَمَسَحَ بِهِمَا يَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ. حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا حَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ، عَنِ الْحَسَنِ: أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ التَّيَمُّمِ فَقَالَ: ضَرْبَةٌ يَمْسَحُ بِهَا وَجْهَهُ، ثُمَّ ضَرْبَةٌ أُخْرَى يَمْسَحُ بِهَا يَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ. وَعِلَّةُ مَنْ قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ: أَنَّ التَّيَمُّمَ بَدَلٌ مِنَ الْوُضُوءِ، وَعَلَى الْمُتَيَمِّمِ أَنْ يَبْلُغَ بِالتُّرَابِ مِنْ وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ مَا كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَبْلُغَهُ بِالْمَاءِ مِنْهُمَا فِي الْوُضُوءِ. وَاعْتَلَّوْا مِنَ الْأَثَرِ بِمَا:- حَدَّثَنِي بِهِ مُوسَى بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا خَارِجَةُ بْنُ مُصْعَبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنِ الْأَعْرَجِ، «عَنْ أَبِي جُهَيْمٍ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَبُولُ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ. فَلَمَّا فَرَغَ قَامَ إِلَى حَائِطٍ فَضَرَبَ بِيَدَيْهِ عَلَيْهِ، فَمَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ إِلَى الْحَائِطِ فَمَسَحَ بِهِمَا يَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ، ثُمَّ رَدَّ عَلَيَّ السَّلَام». وَقَالَ آخَرُونَ: الْحَدُّ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُبْلَغَ بِالتُّرَابِ إِلَيْهِ فِي التَّيَمُّمِ: الْآبَاطُ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَرْقِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ التِّنِّيسِيُّ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزَّهْرِيِّ قَالَ: التَّيَمُّمُ إِلَى الْآبَاطِ. وَعِلَّةُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: أَنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِمَسْحِ الْيَدِ فِي التَّيَمُّمِ كَمَا أَمَرَ بِمَسْحِ الْوَجْهِ. وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَمْسَحَ جَمِيعَ الْوَجْهِ، فَكَذَلِكَ عَلَيْهِ جَمِيعَ الْيَدِ، وَمِنْ طَرَفِ الْكَفِّ إِلَى الْإِبِطِ " يَدٌ ". وَاعْتَلَّوْا مِنَ الْخَبَرِ بِمَا:- حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا صَيْفِيُّ بْنُ رِبْعِيٍّ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزَّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، «عَنْ أَبِي الْيَقْظَانِ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَهَلَكَ عِقْدٌ لِعَائِشَة، فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى أَضَاءَ الصُّبْحُ، فَتَغَيَّظَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى عَائِشَة، فَنَزَلَتْ عَلَيْهِ الرُّخْصَةُ، الْمَسْحُ بِالصَّعِيدِ. فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ لَهَا: إِنَّكِ لَمُبَارَكَةٌ، نَزَلَ فِيكِ رُخْصَةٌ، فَضَرَبْنَا بِأَيْدِينَا: ضَرْبَةٌ لِوُجُوهِنَا، وَضَرْبَةٌ بِأَيْدِينَا إِلَى الْمَنَاكِبِ وَالْآبَاط». قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ: أَنَّالْحَدَّ الَّذِي لَا يُجْزِئُ الْمُتَيَمِّمُ أَنْ يُقَصِّرَ عَنْهُ فِي مَسْحِهِ بِالتُّرَابِ مِنْ يَدَيْهِ: الْكَفَّانِ إِلَى الزَّنْدَيْنِ؛ لِإِجْمَاعِ الْجَمِيعِ عَلَى أَنَّ التَّقْصِيرَ عَنْ ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ. ثُمَّ هُوَ فِيمَا جَاوَزَ ذَلِكَ مُخَيَّرٌ، إِنْ شَاءَ بَلَغَ بِمَسْحِهِ الْمِرْفَقَيْنِ، وَإِنْ شَاءَ الْآبَاطَ. وَالْعِلَّةُ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا جَعَلْنَاهُ مُخَيَّرًا فِيمَا جَاوَزَ الْكَفَّيْنِ: أَنَّ اللَّهَ لَمْ يُحِدَّ فِي مَسْحِ ذَلِكَ بِالتُّرَابِ فِي التَّيَمُّمِ حَدًّا لَا يَجُوزُ التَّقْصِيرُ عَنْهُ. فَمَا مَسَحَ الْمُتَيَمِّمُ مِنْ يَدَيْهِ أَجْزَأَهُ إِلَّا مَا أُجْمِعُ عَلَيْهِ، أَوْ قَامَتِ الْحُجَّةُ بِأَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ التَّقْصِيرُ عَنْهُ. وَقَدْ أَجْمَعَ الْجَمِيعُ عَلَى أَنَّ التَّقْصِيرَ عَنِ الْكَفَّيْنِ غَيْرُ مُجْزِئٍ، فَخَرَجَ ذَلِكَ بِالسُّنَّةِ. وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَمُخْتَلَفٌ فِيهِ. وَإِذَا كَانَ مُخْتَلَفًا فِيهِ، وَكَانَ الْمَاسِحُ بِكَفَّيْهِ دَاخِلًا فِي عُمُومِ الْآيَةِ كَانَ خَارِجًا مِمَّا لَزِمَهُ مِنْ فَرْضِ ذَلِكَ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِيالْجُنُبِ، هَلْ هُوَ مِمَّنْ دَخَلَ فِي رُخْصَةِ التَّيَمُّمِ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْمَاءَأَمْ لَا؟ فَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعَيْنِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْخَالِفِينَ: حُكْمُ الْجُنُبِ فِيمَا لَزِمَهُ مِنَ التَّيَمُّمِ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ حُكْمُ مَنْ جَاءَ مِنَ الْغَائِطِ وَسَائِرِ مَنْ أَحْدَثَ مِمَّنْ جُعِلَ التَّيَمُّمُ لَهُ طَهُورًا لِصَلَاتِهِ. وَقَدْ ذَكَرْتُ قَوْلَ بَعْضِ مَنْ تَأَوَّلَ قَوْلَ اللَّهِ: أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ: أَوْ جَامَعْتُمُوهُنَّ، وَتَرَكْنَا ذِكْرَ الْبَاقِينَ لِكَثْرَةِ مَنْ قَالَ ذَلِكَ. وَاعْتَلَّ قَائِلُو هَذِهِ الْمَقَالَةِ بِأَنَّلِلْجُنُبِ التَّيَمُّمَ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ فِي سَفَرِهِبِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ عَلَى ذَلِكَ نَقْلًا عَنْ نَبِيِّهَا- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الَّذِي يَقْطَعُ الْعُذْرَ وَيُزِيلُ الشَّكَّ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ: لَا يُجْزِئُ الْجُنُبَ غَيْرُ الِاغْتِسَالِ بِالْمَاءِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِالتَّيَمُّمِ، وَالتَّيَمُّمُ لَا يُطَهِّرُهُ. قَالُوا: وَإِنَّمَا جُعِلَ التَّيَمُّمُ رُخْصَةً لِغَيْرِ الْجُنُبِ. وَتَأَوَّلُوا قَوْلَ اللَّهِ: وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ، قَالُوا: وَقَدْ نَهَى اللَّهُ الْجُنُبَ أَنْ يَقْرُبَ مُصَلَّى الْمُسْلِمِينَ إِلَّا مُجْتَازًا فِيهِ حَتَّى يَغْتَسِلَ، وَلَمْ يُرَخِّصْ لَهُ بِالتَّيَمُّمِ. قَالُوا: وَتَأْوِيلُ قَوْلِهِ: أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ " أَوْ لَامَسْتُمُوهُنَّ بِالْيَدِ دُونَ الْفَرْجِ، وَدُونَ الْجِمَاعِ. قَالُوا: فَلَمْ نَجِدِ اللَّهَ رَخَّصَ لِلْجُنُبِ فِي التَّيَمُّمِ، بَلْ أَمَرَهُ بِالْغُسْلِ، وَأَنْ لَا يَقْرُبَ الصَّلَاةَ إِلَّا مُغْتَسِلًا. قَالُوا: وَالتَّيَمُّمُ لَا يُطَهِّرُهُ لِصَلَاتِهِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ وَأَبُو السَّائِبِ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، فَقَالَ أَبُو مُوسَى: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَرَأَيْتَ رَجُلًا أَجْنَبَ فَلَمْ يَجِدِ الْمَاءَ شَهْرًا، أَيَتَيَمَّمُ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَا يَتَيَمَّمُ وَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ شَهْرًا. فَقَالَ أَبُو مُوسَى: فَكَيْفَ تَصْنَعُونَ بِهَذِهِ الْآيَةِ فِي " سُورَةِ الْمَائِدَةِ ": {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [سُورَةُ الْمَائِدَةِ: 6]؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنَّ رُخِّصَ لَهُمْ فِي هَذَا لَأَوْشَكُوا إِذَا بَرَدَ عَلَيْهِمُ الْمَاءُ أَنْ يَتَيَمَّمُوا بِالصَّعِيدِ! فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى: إِنَّمَا كَرِهْتُمْ هَذَا لِهَذَا؟ ! قَالَ: نَعَمْ. قَالَ أَبُو مُوسَى: أَلَمْ تَسْمَعْ «قَوْلَ عَمَّارٍ لِعُمْرَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حَاجَةٍ فَأَجْنَبْتُ فَلَمْ أَجِدِ الْمَاءَ، فَتَمَرَّغْتُ فِي الصَّعِيدِ كَمَا تَمَرَّغُ الدَّابَّةُ. قَالَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: إِنَّمَا يَكْفِيكَ أَنْ تَصْنَعَ هَكَذَا، وَضَرَبَ بِكَفَّيْهِ ضَرْبَةً وَاحِدَةً، وَمَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ، وَمَسَحَ كَفَّيْهِ؟ » قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَلَمْ تَرَ عُمْرَ لَمْ يَقْنَعْ لِقَوْلِ عَمَّارٍ؟ حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ- رَحِمَهُ اللَّهُ- فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّا نَمْكُثُ الشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ لَا نَجِدُ الْمَاءَ، فَقَالَ عُمْرُ: أَمَّا أَنَا فَلَوْ لَمْ أَجِدِ الْمَاءَ لَمْ أَكُنْ لِأُصَلِّيَ حَتَّى أَجِدَ الْمَاءَ. قَالَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ: أَتَذْكُرُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حَيْثُ كُنَّا بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا، وَنَحْنُ نُرْعِي الْإِبِلَ، فَتَعْلَمُ أَنَّا أَجْنَبْنَا؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَمَّا أَنَا فَتَمَرَّغْتُ فِي التُّرَابِ، فَأَتَيْنَا النَّبِيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: إِنْ كَانَ الصَّعِيدُ لِكَافِيكَ، وَضَرَبَ بِكَفَّيْهِ الْأَرْضَ، ثُمَّ نَفَخَ فِيهِمَا، ثُمَّ مَسَحَ وَجْهَهُ وَبَعْضَ ذِرَاعَيْهِ؟ فَقَالَ: اتَّقِ اللَّهَ يَا عَمَّارُ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنْ شِئْتَ لَمْ أَذْكُرْهُ. فَقَالَ: لَا وَلَكِنْ نُوَلِّيكَ مِنْ ذَلِكَ مَا تَوَلَّيْتَ. حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ فِي دُكَّانِ مُسْلِمٍ الْأَعْوَرِ، فَقُلْتُ: أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ تَجِدِ الْمَاءَ وَأَنْتَ جُنُبٌ؟ قَالَ: لَا أُصَلِّي. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ: أَنَّ الْجُنُبَ مِمَّنْ أَمَرَهُ اللَّهُ بِالتَّيَمُّمِ- إِذَا لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ- وَالصَّلَاةِ بِقَوْلِهِ: أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا ". وَقَدْ بَيَّنَّا ثَمَّ أَنَّ مَعْنَى "الْمُلَامَسَة" فِي هَذَا الْمَوْضِعِ: الْجِمَاعُ بِنَقْلِ الْحُجَّةِ الَّتِي لَا يَجُوزُ الْخَطَأُ فِيمَا نَقَلَتْهُ مُجْمِعَةً عَلَيْهِ، وَلَا السَّهْوُ وَلَا التَّوَاطُؤُ وَالتَّشَاعُرُ بِأَنَّ حُكْمَ الْجُنُبِ فِي ذَلِكَ حُكْمُ سَائِرِ مَنْ أَحْدَثَ فَلَزِمَهُ التَّطَهُّرُ لِصَلَاتِهِ مَعَ مَا قَدْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الْأَخْبَارِ الَّتِي قَدْ ذَكَرْنَا بَعْضَهَا، وَتَرَكْنَا ذِكْرَ كَثِيرٍ مِنْهَا اسْتِغْنَاءً بِمَا ذَكَرْنَا مِنْهَا عَمَّا لَمْ نَذْكُرْ، وَكَرَاهَةً مِنَّا إِطَالَةَ الْكِتَابِ بِاسْتِقْصَاءِ جَمِيعِهِ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: " فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا ": وَهَلْ ذَلِكَ أَمْرٌّ مِنَ اللَّهِ بِالتَّيَمُّمِ كُلَّمَا لَزِمَهُ طَلَبُ الْمَاءِ أَمْ ذَلِكَ أَمْرٌ مِنْهُ بِالتَّيَمُّمِ كُلَّمَا لَزِمَهُ الطَّلَبُ وَهُوَ مُحْدِثٌ حَدَثًا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْهُ الْوُضُوءُ بِالْمَاءِ، لَوْ كَانَ لِلْمَاءِ وَاجِدًا؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: ذَلِكَ أَمْرٌ مِنَ اللَّهِ بِالتَّيَمُّمِ كُلَّمَا لَزِمَهُ فَرْضُ الطَّلَبِ بَعْدَ الطَّلَبِ مُحْدِثًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُحْدِثٍ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: التَّيَمُّمُ لِكُلِّ صَلَاةٍ. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَجَّاجُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ مِثْلَهُ. حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدَانُ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَامِرٌ الْأَحْوَلُ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلَ ذَلِكَ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ نُوحٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: لَا يُصَلَّى بِالتَّيَمُّمِ إِلَّا صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ. حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا سُوَيْدٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: يَتَيَمَّمُ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَيَتَأَوَّلُ هَذِهِ الْآيَةَ: " فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً ". قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَعَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالُوا: التَّيَمُّمُ لِكُلِّ صَلَاةٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا عِمْرَانُ الْقَطَّانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ النَّخْعِيِّ قَالَ: يَتَيَمَّمُ لِكُلِّ صَلَاةٍ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ ذَلِكَ أَمْرٌ مِنَ اللَّهِ بِالتَّيَمُّمِ بَعْدَ طَلَبِ الْمَاءِ مَنْ لَزِمَهُ فَرْضُ الطَّلَبِ إِذَا كَانَ مُحْدِثًا. فَأَمَّا مَنْ لَمْ يَكُنْ أَحْدَثَ بَعْدَ تَطَهُّرِهِ بِالتُّرَابِ فَلَزِمَهُ فَرْضُ الطَّلَبِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ تَجْدِيدُ تَيَمُّمِهِ، وَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِتَيَمُّمِهِ الْأَوَّلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ حَبِيبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: التَّيَمُّمُ بِمَنْزِلَةِ الْوُضُوءِ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى السُّدِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ شَاكِرٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: يُصَلِّي الْمُتَيَمِّمُ بِتَيَمُّمِهِ مَا لَمْ يُحْدِثْ، فَإِنْ وَجَدَ الْمَاءَ فَلْيَتَوَضَّأْ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ يُصَلِّي الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ مَا لَمْ يُحْدِثْ. وَكَذَلِكَ التَّيَمُّمُ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ يُصَلِّي الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: يُصَلِّي الصَّلَوَاتِ بِالتَّيَمُّمِ مَا لَمْ يُحْدِثْ. حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ حَبِيبٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: التَّيَمُّمُ بِمَنْزِلَةِ الْوُضُوءِ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: يَتَيَمَّمُ الْمُصَلِّي لِكُلِّ صَلَاةٍ لَزِمَهُ طَلَبُ الْمَاءِ لِلتَّطَهُّرِ لَهَا فَرْضًا؛ لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ- أَمَرَ كُلَّ قَائِمٍ إِلَى الصَّلَاةِ بِالتَّطَهُّرِ بِالْمَاءِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ فَالتَّيَمُّمُ. ثُمَّ أَخْرَجَ الْقَائِمَ إِلَى الصَّلَاةِ مَنْ كَانَ قَدْ تَقَدَّمَ مِنْ قِيَامِهِ إِلَيْهَا الْوُضُوءَ بِالْمَاءِ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ أَحْدَثَ حَدَثًا يُنْقِضُ طَهَارَتَهُ، فَيَسْقُطُ فَرْضُ الْوُضُوءِ عَنْهُ بِالسُّنَّةِ. وَأَمَّا الْقَائِمُ إِلَيْهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ قِيَامَهُ إِلَيْهَا بِالتَّيَمُّمِ لِصَلَاةٍ قَبْلَهَا فَفَرْضُ التَّيَمُّمِ لَهُ لَازِمٌ بِظَاهِرِ التَّنْزِيلِ بَعْدَ طَلَبِهِ الْمَاءَ إِذَا أَعْوَزَهُ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا}. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: يَعْنِي بِذَلِكَ- جَلَّ ثَنَاؤُهُ-: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَزَلْ "عَفُوًّا" عَنْ ذُنُوبِ عِبَادِهِ، وَتَرْكِهِ الْعُقُوبَةَ عَلَى كَثِيرٍ مِنْهَا مَا لَمْ يُشْرِكُوا بِهِ، كَمَا عَفَا لَكُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ عَنْ قِيَامِكُمْ إِلَى الصَّلَاةِ الَّتِي فَرَضَهَا عَلَيْكُمْ فِي مَسَاجِدِكُمْ وَأَنْتُمْ سُكَارَى. " غَفُورًا ": يَقُولُ: فَلَمْ يَزَلْ يَسْتُرُ عَلَيْهِمْ ذُنُوبَهُمْ بِتَرْكِهِ مُعَاجَلَتَهُمُ الْعَذَابَ عَلَى خَطَايَاهُمْ، كَمَا سَتَرَ عَلَيْكُمْ- أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ- بِتَرْكِهِ مُعَاجَلَتَكُمْ عَلَى صَلَاتِكُمْ فِي مَسَاجِدِكُمْ سُكَارَى. يَقُولُ: فَلَا تَعُودُوا لِمِثْلِهَا فَيَنَالُكُمْ بِعَوْدِكُمْ لِمَا قَدْ نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ مُنَكِّلَةٌ.
|